إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

معهد واشنطن يهاجم الحكومة الأمريكية لقطع المعونة العسكرية عنـ......





إريك تراجر حنان عبد الهادي 
هاجم إريك تراجر زميل واجنر في معهد واشنطن، قطع المساعدات الأمريكية عن مصر قائلًا: "إن قطع المساعدات الأمريكية عن مصر لن يجعل الجيش ديمقراطيًا، وسوف يأتي ذلك بتكلفة كبيرة، وهي تحديدًا، القدرة على تشجيع الجيش على اتخاذ مسارات أكثر تقدمية على طول الطريق، عندما تكون البيئة أكثر ملاءمة لسياسة أمريكية داعمة للديمقراطية بقوة أكبر في مصر.
أريك يذكر أن دعوات قطع المساعدات العسكرية عقب الإطاحة بمرسي تعكس سوء فهم جوهري لما حدث في مصر خلال الصيف الماضي، وأن ما يتردد في كثير من الأحيان، بأن الجيش عزل رئيسًا - انتُخب بصورة ديمقراطية - عن منصبه هو غض للطرف عن حقيقة أساسية جدًا وهي أنه في الوقت الذي خرجت فيه مظاهرات جماهيرية غير مسبوقة ضد حكم «الإخوان المسلمين» في 30 يونيو، كان محمد مرسي رئيسًا بالاسم فقط. 
والإعلان الدستوري لمرسي في نوفمبر 2012، الذي وضع فيه قراراته فوق الرقابة القضائية، وتمريره السريع لاحقًا لدستور إسلامي والمصادقة عليه، قوضا بشكل حاد من شرعيته الشعبية، وقلصا الدعم الذي كان يتمتع به في بلد يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة- حسبما قال تراجر- بحيث أصبح هذا الدعم يستند فقط على قاعدة «الجماعة» التي يبلغ عدد منتسبيها ما يقرب من 500 ألف عضو، كما أن قرار «الإخوان» إرسال كوادرهم لمهاجمة المحتجين بوحشية وتعذيبهم خارج القصر الرئاسي في 5 ديسمبر دفع الكثير من المصريين إلى النظر إلى «الجماعة» - المنظمة التي انتخبوها قبل أشهر فقط - على أنها نظام فاشي ناشئ.
"ومنذ تلك اللحظة فصاعدًا، أصبحت الاحتجاجات ضد حكم مرسي متكررة ومزعزعة للاستقرار لدرجة أنه في أواخر يناير 2013 فرض الجيش سيطرته على مدن قناة السويس الثلاث الكبرى - بناءً على طلب مرسي" وفقا لما ذكر تراجر.
ويرجع تراجر رفض المصريين للجماعة أيضًا لتعيين مرسي لآلاف «الإخوان» عديمي الخبرة في مناصب تنفيذية عبر جهاز مصر البيروقراطي الضخم، ما حفّز قيام مقاومة كبيرة لحكمه داخل الدولة، وهو شيء أقر به المُعينون من قبل جماعة «الإخوان» التي ينتمي إليها مرسي، وبدلًا من محاولة بناء الإجماع داخل أجهزتهم البيروقراطية، حوّل وزراء «الإخوان» موارد الحكومة بدلًا من ذلك نحو المنظمات المنتسبة لـ«الجماعة»، مما فاقم المقاومة لسلطتهم داخل أجهزتهم البيروقراطية. 
وبحلول 30 يونيو، قام ضباط بزيهم الرسمي من نفس قوة الشرطة التي دعمت ذات مرة هجوم «الإخوان» على المحتجين بالاحتجاج ضده، إلى جانب ملايين المصريين في الشوارع- وهنا يؤكد تراجر وجود ثورة حقيقية أطاحت بمرسي- وبعد ذلك بوقت قصير، بدأ وزراء مرسي بالاستقالة من حكومته، مشيرًا لفقد مرسي السيطرة تمامًا ؛ ورفضه التفاوض على حل سياسي للأزمة - وتفضيله الصريح للشهادة على السياسة - جعل إعادة بسطه للسيطرة أمرًا مستحيلًا من الناحية الفعلية.
ويدعم تراجر وجهة نظره قائلًا:" عندما يفقد رئيس دولة تضم 85 مليون نسمة، معظمهم فقراء، السيطرة على الأمور فلن تكون هناك نهايات سعيدة، وتصبح بعض الاحتمالات المروعة فعلًا أمرًا محتملًا فجأة، وكانت لدى الجنرالات رغبة قوية في تجنب القيام بانقلاب.
وأضاف: وفقًا لما أكده المسئولون العسكريون في الشهور التي سبقت الإطاحة بمرسي، فإن خبرتهم في إدارة مصر عقب عزل حسني مبارك عام 2011 كانت مريرة، حصل الجنرالات على ما أرادوا في الواقع في ظل حكم مرسي، فدستور «الإخوان» منح الجيش استقلالية غير مسبوقة على شئونه الداخلية، بما في ذلك سيطرته على الأصول الاقتصادية الكبرى. 
ليعترف تراجر لأول مرة أن الجيش تردد في عزل مرسي، إلا أن قراره النهائي في القيام بذلك وضعه في مواجهة مباشرة مع «الإخوان» وشرع الجيش المصري في قطع رءوس «الجماعة» من اللحظة التي أطيح فيها بمرسي، ويشارك أغلب المصريين مخاوف الجيش من عودة «الإخوان». 
وانتقد تراجر سياسة الإدارة الأمريكية تجاه مصر منذ الإطاحة بمرسي، فقد عملت أمريكا على تقويض نفوذها المحتمل بشكل أكبر، من خلال الإصرار على التفاوض بين الجيش و«الإخوان»، فالإدارة جعلت الجنرالات يخشون من أن يؤدي ذلك إلى الضغط عليهم وانتحارهم، ومن خلال موقفها العلني الملتبس بشأن عزل مرسي، فاقمت الإدارة من خوف المصريين من رغبة الولايات المتحدة في أن تُحكم مصر من قبل «الإخوان» - وهو ما يراه المصريون أكثر تهديدًا بمراحل من الحكم العسكري.
وهاجم تراجر قطع المعونات العسكرية الآن - بعد تلقي مصر ثلاث هجمات إرهابية – وأن ذلك يعمل على تعزيز تلك المخاوف، وسوف يعني فقدان عامل مؤثر قد يكون بوسع الولايات المتحدة استخدامه في المستقبل. 
واستطرد: تعلمنا شيئًا عن مصر خلال عامين وأكثر سابقين، هو أن الأنظمة الناشئة حديثًا سرعان ما تفقد شعبيتها بمجرد أن تصبح أكثر استبدادًا، ومثلما تحوّل العديد من المصريين ضد القادة العسكريين الذين تولوا الإشراف على البلاد في فبراير 2011، مثلما تمردوا ضد زعيم «الإخوان» الذي فاز في الانتخابات الرئاسية في يونيو 2012، من المرجح أن ينتفضوا قبل أن تمر فترة طويلة على النظام الحالي، لا سيما حيث يستمر الاقتصاد المصري في التعثر. 
وأردف تراجر: "إذا قطعت الولايات المتحدة المعونة الآن، فلن تكون حينها قادرة على الدخول في المحادثات لاحقًا، وأن ذلك سيضع التعاون العسكري بين الولايات المتحدة ومصر في مهب الريح، وهو تعاون يمثل قيمة كبيرة للإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، والتي تشمل حقوق طيران للولايات المتحدة فوق أراضيها والمرور التفضيلي عبر قناة السويس.. ومن خلال الإبقاء فقط على ذلك الجزء من المساعدات المصمم لعمليات مكافحة الإرهاب ومراقبة الحدود، سوف تعزز الإدارة من التصور في مصر بأن الهدف الرئيسي للمساعدات العسكرية هو الحفاظ على أمن إسرائيل، وأن واشنطن لا تهتم بشأن استقرار الأوضاع في مصر".
واختتم تراجر أن قطع المعونات هو اقتراح يعود بالخسارة على الجميع، فسيكلف واشنطن نفوذًا كبيرًا داخل مصر دون تحقيق أي مكاسب سواءً للجيوستراتيجية الأمريكية أو لآفاق الديمقراطية في مصر، وهو خطأ لا مبرر له إلى أبعد الحدود.