إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

سمر فرج فودة: مناظرة والدى مع الهضيبى والغزالى عجلت باغتياله





بعد أن تحققت نبوءته لما يحدث فى مصر الآن، بعد أن أطل علينا شبح الإرهاب الأسود بظلاله مجددا عقب سقوط جماعة الإخوان المسلمين ليعيد إلى الأذهان ما حدث أيام التسعينيات اتجهت الأنظار إلى كتبه ومقالاته  بعد مرور ٢١ عاما على اغتياله.
أفكاره التى أثارت جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين تعيش بيننا الآن فى واقع تنبأ به  وذلك من خلال كتاباته ضد التشدد الدينى وانتشار جماعات الإرهاب المسلح، إنه الكاتب والمفكر الدكتور فرج فودة الذى حملت رحلته الفكرية والسياسية الكثير من المواقف  المهمة دافع فيهاعن فكرة فصل الدين عن الدولة.
نصف الدنيا  حاورت ابنته  سمر فودة لتتعرف عن قرب على ما كان يدور فى ذهن والدها وتوقعاته عما تعيشه مصر هذه الأيام.
- كيف تتذكرين حادثة اغتيال والدك بعد كل هذه السنوات؟
هذه الواقعة  لن تغيب عن عينى لحظة ولن أنساها قط،  والدى تم اغتياله فى 8 يونيو 1992 حين كان يهم بالخروج من مكتبه بمدينة نصر بصحبة  شقيقى الأصغر حيث قام شخصان كانا يركبان دراجة نارية أطلق  أحدهما الرصاص من بندقية آلية  على والدى وشقيقي. وبعد ذلك تلقيت اتصالا تليفونيا من شقيقى من داخل المستشفى أبلغنى بالحادثة  وهو مصاب  وعلى الفور انتقلت إلى المستشفي، وكانت إصابة والدى بالغة فى الكبد والأمعاء، وظل بعدها الأطباء يحاولون طوال ست ساعات إنقاذه إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة.
 - بعد سنوات كثيرة ألا يمكن أن نقول إن نبوءة والدك تحققت فى أحداث العنف التى تشهدها مصر الآن فى كتاب اسمه «قبل السقوط»..؟
والدى كان صاحب بصيرة عالية جدا وتنبأ بما يحدث على أرض مصر الآن  وشرحه فى كتبه بالتفصيل، إلى أن تحقق كل ما قاله فرج فودة عن الإخوان، حيث كان يؤكد دائما أن الإخوان دعاة عنف وتخريب وهدفهم الرئيسى الوصول إلى السلطة تحت ستار حماية الدين وأثبتت الأيام القليلة الماضية صحة ذلك، فمن يقرأ كتب فرج فودة سيجد أنه يحكى واقعا نعيشه الآن، ونعم صدقت تنبؤات والدى فيما حدث حينما تحدث عن الدائرة المفرغة والتى قال فيها «تبدأ الدائرة المفرغة فى دورتها المفزعة وفى غياب المعارضة المدنية وسوف يؤدى الحكم العسكرى إلى السلطة الدينية ولن ينتزع السلطة الدينية من مواقعها إلا الانقلاب العسكري، الذى يسلم الأمور بدوره بعد زمن يطول أو يقصر إلى سلة دينية جديدة. وهكذا وأحيانا يختصر البعض الطريق فيضعون العمامة فوق الزى العسكري، كما حدث ويحدث فى السودان».
والدى كان يقصد  فى مقولته السابقة ضرورة وجود معارضة مدنية قوية والتى ستوقف تغول السلطة الدينية  مرة أخرى وهى الحالة التى ستخرجنا من أزمات لاحقة.  
- جريدة النور أصدرت بيانا  تكفيريا أفتت فيه بكفر والدك.. هل هذا البيان كان السبب الرئيسى فى اغتيال والدك؟
بغض النظر عن هذا البيان الذى صدر، التكفير مصطلح شائع وبسيط وسهل لدى هذه الجماعات المتطرفة أمام من يخالفهم فى الرأي، وأرى أن عدد الكفار تزايد  على الساحة   فى مصر بعد أن تولت جماعة الإخوان السلطة.
 - إذا برأيك ما السبب الرئيسى فى اغتيال والدك؟
والدى كشفهم وفضحهم وكان يعلم كيف يفكرون ويعرف مخططاتهم ويعلم بدايتهم ونهايتهم ومقولاته الشهيرة أكدت ذلك وقد حدث  هذا بالفعل، وما كان يملكه والدى من أدوات تنويرية وفكرية كان بمثابة فزاعة لهم، والقتل كان السلاح الذى يستخدمونه فى مواجهة من يقترب من أفكارهم ويكشفها للناس.
 - يقال إن المناظرة التى جرت فى معرض الكتاب بين والدك والشيخ محمد الغزالى ومأمون الهضيبى نائب المرشد وقتها هى التى عجلت باغتياله؟
هذا حقيقي لأنهم وجدوا شيوخهم وأئمتهم  ضعيفى الحجة أمام حجة والدى وأنه ليس لديهم منطق أو فكر، ووجدوا أنه المنتصر فكريا وتنويريا وثقافيا وأكثر علما  بالإسلام عنهم، لذلك أنا أعتبر والدى مفكرا إسلاميا ووالدى كان أكثرعلما منهم بالدين الإسلامى وبتاريخ الدين الإسلامي.
 - فى فيلم الإرهابى  جسد الفنان محمد الدفراوى شخصية  والدك ولكن إعلانات التلفزيون منعت هذه المشاهد فهل هذا كان خوفا من الجماعات الإسلامية؟
لا أتذكر إذا كان تم منع إعلانات الفيلم أم لا، لأن الفيلم كان منذ ما يقرب من 20 عاما وبالفعل جسد الفنان محمد الدفراوى شخصية والدى، وربما تم المنع بالفعل، لأن العمل استخدم عبارات ومقططفات من كتب وأحاديث ومقالات والدى والتى كانت ضد  نشاط الجماعات الإسلامية
- بعد اغتيال فرج فودة سارعت وزارة الثقافة بالإعلان عن إصدار جميع كتب والدك مثل «الحقيقة الغائبة» و«زواج المتعة» وطبعت بالفعل لكنها لم تر النور أبدا  من منع هذه الكتب؟
والدى كان يحارب بكل الوسائل والأدوات لمنع نشر فكره التنويرى للمجتمع  من كل من يتعلقون بالسياسة المتأسلمة أو التيار المتأسلم وعلى رأسهم الشيخ الغزالى والهضيبي، وأتذكر أنه تم منع صدور كتاب له بعنوان «زواج المتعة» وبعد فترة تم السماح بمرور الكتاب.
 - معنى ذلك أن هذا التيار كان له  تأثير على السلطة وقت الرئيس الأسبق حسنى مبارك؟
بالطبع نعم وأنا أعتبر أن مبارك  كان شريكا فى قتل والدى لأنه لم يوفر  الحماية الكاملة لشخصية عامة أرادت أن تنور الناس وتزيل الغمامة والغيبة عن عقولهم، وهو يعلم تماما أن والدى كان متصدرا لقوائم الاغتيالات ومع ذلك لم يحمه وترك من أرادوا قتله أن يقتلوه وأعتبر أن مبارك كان له هدف فى تغييب عقول المصريين  وهذا ما شاهدناه على مدار ال 30 عاما الماضية من تدنى  مستوى عدد من المجالات وعلى رأسها المستوى التعليمى والصحة، ولولا ذلك التدني  لما حدثت ثورة 25 يناير.
- هل عوضتكم الدولة بعد حادث اغتيال والدك؟
بعد وفاته صرفت لنا الدولة مشكورة معاشا استنائيا زهيدا جدا كان يبلغ  500 جنيه لأسرة مكونة من 5 أفراد، فالدولة لم تقدر فرج فودة ولم تقدر فكره، فإذا كانت الدولة لم تهتم بفرج فودة فى حياته  هل ستهتم بأبنائه  بعد وفاته، وشهادة حق إن أخى روى لى أن مبارك اتصل به عقب الحادثة بعد 4 أيام وهو فى العناية المركزة لكى يطمئن عليه.
- كيف تغيرت حياتكما الاقتصادية والاجتماعية بعد وفاة والدك؟
والدى أثر فى شخصيتى وتكوينى وثقافتى تأثيرا بالغا  فلقد نشأت فى حضن عالم كان يعتبرنى أقرب أبنائه، تعلمت منه حب القراءة لأنه كان قارئا رهيبا، فكان يختار لى بعض الكتب لأقرأها  وكان دوما يناقشنى فى مقالاته على الرغم من سنى الصغيرة وقتها،
ونحمد الله أن والدى ترك لنا ثمارا رائعة وتوارثنا منه القوة والصبر والتحمل والعقل والحكمة ووفقنا الله واعتمدنا على أنفسنا مثلنا مثل أى أسرة وأكملنا تعليمنا ودراستنا.  
- ما شعورك بعد أن أفرج الرئيس المعزول مرسى عن قاتل والدك وما واقع ذلك عليكم؟
حزنت حزنا شديدا عقب سماع هذا الخبر وخاصة عندما تباهى وتفاخر قاتل والدى على الشاشات بقتل والدى ورفضت أن أرى هذه المهزلة. 
- هناك جمعية تحمل اسم فرج فودة «الجمعية المصرية للتنوير»  ما نشاطها؟
أسسها فرج فودة قبل وفاته لأن الدولة رفضت تأسيس حزبه  «المستقبل»، وكانوا يحاولون عرقلة مسيرته وفكره من الوصول، فأسس هذه الجمعية. ويديرها الآن بعض من تلاميذ والدى ومحبيه ولكننى قررت أن أتولى رئاستها والإشراف عليها لنشر أفكار فرج فودة.
- لماذا انضممتى إلى حزب المصريين الأحرار؟ ولماذا هو بالتحديد؟
انضممت للحزب لأننى أعتبر العمل الحزبى هو أول الطريق الجاد للعمل السياسى  الذى من خلاله أستطيع توصيل رسالة والدى إلى الناس ولنشر فكر فرج فودة وإكمال مسيرته، واخترت المصريين الأحرار لأننى على اقتناع تام  بفكر الحزب وأعلم مصداقيته فى العمل السياسى  بالإضافة إلى أنه الأقرب لى فكرا.
- ما رأيك فى حكم حظر جماعة الإخوان ومصادرة أنشطتها؟ وهل تتوقعين رد فعل منهم على هذا الحكم؟
حكم تاريخى  ولكنها خطوة متأخرة وأتمنى أن تحصل الدولة على أموال هذه الجماعة وتعيدها للشعب فى صور مشروعات  واستثمارات تنموية وغيرها وتبنى ما هدموه ودموره على مدار السنوات الماضية.
- هل تعتقدين تسلل بقايا جماعة الإخوان من خلال  نظام القوائم للبرلمان القادم؟
بالطبع من الممكن أن يتسللوا سواء من خلال نظام القائمة أو الفردي، فجماعة الإخوان وأنصارها لم تنته  ونحتاج  إلى وقت كبير حتى يفرغوا من العنف والتدمير والخراب.
- ما رأيك فى مادة حظر تأسيس الأحزاب الدينية فى الدستور الجديد ؟
هذه المادة مطلوبة بشكل كبير وللأسف جاءت متأخرة.
- هل انتهى  ما يسمى بمصطلح  تيارالإسلام السياسي بعد ثورة 30 يونيو؟
لا يوجد فى الإسلام مصطلح يسمى «الإسلام السياسى»  والحالة التى لدينا  هى «تيار إرهابي» وأنا أرفض تصنيف الإسلام وإلصاق أى صفة  به، لأن الإسلام مصطلح عام وشامل، وهنا أرى أن فشل الإخوان فى الحياة السياسية نتيجة فشلهم فى الدين والجهل بتعاليمه الأمر الذى حولهم إلي إرهابيين.
- هل ترين أن السلفيين سيكونون الوجه الآخر للإخوان المسلمين على الساحة السياسية الآن؟
بالطبع نعم هما سلسلة واحدة ومتشابكة  مع بعض وكل كيان منهم  له دور يقوم به.
- ما هو العمل الذى تقوم به سمر فودة  الآن لتخليد اسم والدها؟
أعمل حاليا على إعادة طبع كتب والدى  العشرة  والتى كتبها بخط يده  وأنجزت منها 7 كتب  وأقوم ببيعها عن طريق شركة شحن «ديلفيري» نظرا للسرقات التى تعرضت لها عبر الأسواق وأجهز لموقع إلكترونى خاص باسم فرج فودة، وأستعد لإطلاق حملة قومية للتنوير باسمه، سنقوم بطبع طبعات اقتصادية  مجانية  لكتب والدى ستوزع فى النجوع والقري  وفى المحافظات فى شكل تنوير وفكرعلى غرار الزيت والسكر التى استخدمته جماعة الإخوان لشراء الأصوات الانتخابية، ولنرى من الرابح التنوير والفكر أم الزيت والسكر.
وأعد حاليا لبرنامج تلفزيونى يساعد على تنوير وإعمال العقل للشعب المصرى من جديد ويهدم الفكر الإخوانى المغيب وسيكون بصورة مبسطة.